الأربعاء، 30 يوليو 2008

الخليقة قصة قصيرة - تأليف أزهر مهدي

في اقل من ساعة واحدة اتخذت ومن دون تردد قرار فسخ خطوبتي من تلك الفتاة العشرينية المتطلبة والمتسلطة والمزاجية والسطحية المملة و التي عرفتني عليها اسرتي كي اتمم نصف ديني لكنني تعلمت من فكرة الموت التي سيطرت على تفكيري ان افعل في حياتي اشياء لا اندم عليها حينما يحين اجلي وكان الارتباط بتلك المرأة من الاشياء التي قد اندم عليها كثيرا وانا في حضرة الخالق وتخيلت حينها ايضا اقدم وافدح قصة في التاريخ والتي كان أثرها هذه المعاناة اليومية على هذه البسيطة ، فدارت في ذهني الصور وكيف سيق ذاك الرجل خارج الحياة الرغيدة والوردية مطرودا حزينا فبالتاكيد أن كان يكمن في أن إمرأته جاءته وطلبت منه ان يحضر لها التفاحة الممنوعة والغير جاهزة للاستهلاك الآدمي وعندما اخبرها ان الثلاجة مليئة بالتفاح الطبيعي والبرتقال والموز وكل الفواكه التي استطاع شراؤها بواسطة الكردت كارت والماستر كارت اللذان حصل عليهما بتوصية من شركته التي ملت طلباته لزيادة مرتبه للمرة العاشرة وقرر المحاسب الذكي فيها ان البطاقات الائتمانية ستلبي له ما يريد وستجعل منه اكثر التزاما بالعمل كي يسدد ما عليه من تعهدات مالية والا فأن مصيره سيكون المحاكم وربما السجن في خاتمة الامر ، لكن كان ردها واحد لا يتغير:-
- لا اريد شيئا سوى تلك التفاحة بالتحديد .
لقد حاول ان يأتي لها بكل النعم التي انعم بها رب العمل علیه و الذي وظفه في هذه الشركة فقط لصلة القرابة التي تربطهما سوية وعيّنه في وظيفة امين على مختبرات الابحاث لكن منعه في نفس الوقت من الاقتراب من هذا الصنف من الفاكهة بالذات لأنها ممنوعة على البشر اذ لا تزال الابحاث جارية لتطوير صنف جيد من الفواكه المعدلة وراثيا لحل الازمة الغذائية العالمية وكي لا يشعر الشعب بالجوع وأن الثمرة لم تجهز بعد للاستهلاك الآدمي.
لكنه وبسبب ثرثرته اليومية عما يشاهده ويعيشه في الشركة لم يفته ان يخبرها بالسر الذي ائتمنه عليه رب عمله ، وكيف ان شكل التفاحة جميل جدا وثير الشهية في النفوس بسبب المادة العطرية التي تفوح منها.
في اليوم التالي فوجيء بطلبها للحصول على واحدة من تلك التفاحات الشهية فحاول المسكين ان يفهمها بالمنطق حينا وبالشدة حينا آخر أنه لا يستطيع القيام بهذه المغامرة التي لا طائل منها وأنه يجب الانتظار حتى تكتمل الابحاث ويطرح المنتج في الاسواق ممنيا نفسه انها قد تكون نزوة قد تزول قريبا لكنها في كل مرة كانت تقطب عن جبينها لتنزوي بعدها في ركن خفي لتتمكن من رؤية ردة فعله ولتشعره بالتقصير وتأنيب الضمير وعندما لم يبد لها بالا تقربت اليه هذه المرة وقالت له :-
- لماذا لا تريد ان تراني سعيدة ياحبيبي ؟
- نعم يا حبيبتي اود اسعادك دوما لكن من دون التفاحة انها خطر على مستقبلنا في هذه الشركة ، ان الشركة تحتفظ بهذه الشجرة لاغراض الابحاث والتطوير ولا يمكن العبث بها او تسريب أسرارجيناتها الوراثية فربما سأتهم بالتجسس العلمي والتعاون مع جهات خارجية لغرض تقويض التطور الذي يشهده الوطن واتهامات اخرى لا يمكن تخيلها قد يكون أولها وليس آخرها الاتهام بأنني عميل للعدو !!!!!!!!! وما الضير من الانتظار حتى يتم اعتمادها علميا وستكون في متناول الجميع.
- لا تخف يا عزيزي فقد تسربت الاخبار الى مواقع الانترنت إذ يقول احدها انها قد تطيل العمر وتديم الشباب
- لا اقدر صدقيني لا اقدر ، المسألة منتهية بالنسبة لي الحل هو الانتظار والتمتع بما لديك يا حبيبتي

وبعد اخذ ورد فهمت انه مصمم على رأيه فهو رجل والرجل يحب ان يثبت بعناده انه رجل حقيقي لكن هي بدورها إمرأة ولديها ما يلين عناد آلاف الرجال فذهبت الى غرفتها وتزينت وتجملت وعندما جاءها لينشد بعض الراحة والتسلية معها بسبب التعب والارهاق ،اعتذرت منه بانها لا تستطيع تلبية طلبه اذ انها متعبة ومنهكة هي الاخرى ؟
- لماذ انت متعبة يا حبيبتي ، انك هنا معززة مكرمة هل ينقصك شيء، اخبريني فقط ، لقد وفرت لك كل شيء لكي تشعري بالسعادة ؟
- اني اشعر بالمرض والتعب وكما يقولون ان تلك التفاحة ستشفيني ،لم ارغب ان اخبرك في البدء لكنك اصررت على ان تعرف ما بي لهذا اخبرتك ،،،، ولم تنس ان تذكر له تلك العبارة التي توارثتها عنها بناتها ،،،، لكن يبدو انك لم تعد تحبني فما الفائدة ؟؟؟؟؟
- لكن يا حبيبتي .......
عندها قاطعته بنظرة اتهام مريرة جعلته يصمت طويلا بعدها واصل كلامه قائلا :

- امنحيني مهلة لكي اعرف ان كانت هناك ثمرة مثلها قد تشفي المرض.
- حاول بسرعة فأنني متعبة جدا وقد ذكر لي الطبيب العجوز انها الحل الوحيد لمرضي وكذلك كي اتاكد من حبك لي ، طبعا لم تنس حينها ان ترمقه بنظرة اخرى تشعره بالتقصير ازاءها.

وبعد ان تأكد من امتناعها عنه راودته الافكار بالذهاب الى تلك الشجرة و قال لنفسه لم لا ؟ فالضرورات تبيح المحضورات وان سيدي الرحيم سيتفهمني حينها ان علم بعذري فذهب الى تلك الشجرة وجاءها بالثمرة وقال لها:-
- تفضلي يا حبيبتي لقد جئتك بما تريدين هيا كلي منها لعلك تجدين فيها الشفاء الذي ننشده ونعود الى حياتنا الطبيعية ( او هكذا كان يظن ).
- نعم يا حبيبي لقد اثبت لي حبك فدعنا نأكل منها سوية فأنا احب ان نتشارك في كل شيء
- كلا يا حبيبتي هي لك وحدك فتذكري ان سيدي قد منع اكلها واتمنى انه سيسامحني بمعرفته بمرضك اذ انني لست مريضا فلماذا آكل منها
- قل انك تكره مشاركتي بطعامي لأنني مريضة هه لن آكل منها حتى تشاركني فيها !!!!

اضطر المسكين ان يأكل معها من تلك الثمرة الآثمة وبعد ان اكلت منها قالت له :-

- يا حبيبي ان هذه التفاحة لا تختلف كثيرا عن التفاح الموجود لدينا ، نعم لذيذة نوعا ما لكنها ليست كما يبالغون او كما أخبرتني يبدو ان ذلك العجوزعلى الانترنيت قد احتال علي بكلامه فقد بدا كالدجالين !!!!!!
في اليوم التالي ظهرت على الزوجين اعراض الحمى والهيجان العصبي وعندما تغيب المسكين يومين عن العمل وجاءه زميله ليطمئن عليه عرف من البثور على وجهه انه قد أكل من التفاحة المحرمة فتم فرض حجر صحي على المنزل وخضع الزوجان لفحوصات مضنية وبعد مدة طرد الزوج من الشركة وهو حاليا عاطل عن العمل بأستثناء الايام التي يعمل فيها باليومية وزادت مسؤولياته اذ اصبحت إمرأته حاملا وبعد اشهر وضعت له توأما من الذكور ثم بعد سنة أخرى وضعت توأما من الاناث فتنغصت حياته في البيت وخارجه.
وهي بدورها لم تتوقف عن اتهامه بالتقصير وانه السبب في حياتها التعيسة هذه وكل يوم تأمره ان يعمل ويكد أكثر لكي يوفر لها معيشة كتلك الاولى.

وبعد ان ولدت له الابناء والبنات استمرت في شكواها وصب اللعنات تندب حظها العاثر بزواجها منه وفي كل مرة تخبره بندمها على زواجها منه ويا ليتها سمعت كلام امها عندما نصحتها بالزواج من ابن خالتها الذي يعمل في الخارج.

اما انا وبعد ان اكتملت الصورة في ذهني نزعت الخاتم من اصبعي ووضعته في مظروف وقدمته اليها ، بالمناسبة لم اشعر انها حزنت على قرار الفسخ وخيرا فعلت من عدم مبالاتها هذه لتثبت لي وللحظة الاخيرة أنها ليست من اطلب

WebCrawler Search