الأربعاء، 2 يناير 2008

ليس بالسياسة وحدها تحيا الامم

(شاب عراقي لطيف يحب احاديث السياسة )

عبارة اطلقتها اغاثا كريستي في وصفها لشخص عراقي ورد في احدى روايتها البوليسية و لم تأتي كلمتها تلك من فراغ فهي قد عاشت في العراق وعرفت الكثير من خصائص هذا المجتمع الذي يستعصي على فهم الكثيرين ، اننا شعب يحب الحديث في السياسة ويؤمن بالسياسة ويقدس السياسة لكنه لا يجيد السياسة ، فلقد انصب تفكيرنا السياسي في الجانب العقائدي منه فكانت القومية العنصرية والشيوعية القسرية والاصولية التكفيرية هي الانماط التي جلبت لنا الكارثة تلو الكارثة وفي كل مرة نقول ان القادم افضل من السابق لكن العواقب اخطر دوما والندم والتحسر على ما فات هو كل ما حصلنا عليه لكن ولات حين مناص ولم نفكر يوما بان السياسة هي وسيلة وصل ويصل من خلالها المنتفعون ليحكموا بها المساكين والمعذبين في الارض ولم نفكر ان الساسة هم مجرد موظفين يمكن خلعهم واستبدالهم بالاصلح ( ان وجد بينهم الصالح ) فكانت كل حقبة اسوأ من سابقتها لأنها وليدة عنها ووريثة شرعية لها، لكن ما العمل لشغل الفراغ الذي ملأه الساسة وداسوا عليه بعدها بأحذيتهم البراقة ؟ اظن الحل الامثل هو باتباع اسلوب التقليد الخلاق الذي تسير عليه الأمم الوليدة الحديثة – في مقابل التقليد الاعمى الذي سرنا عليه – بواسطة الحجر على السياسيين ومراقبتهم اذ للأسف فهم شر لا بد منه ونحن ملزمون بالعيش في ظلهم الوارف !!!!!! لكن كيف ؟ الحل هو بتقليص سلطاتهم وصلاحياتهم وعدم السماح لهم بالتغلغل الى مناحي الحياة القصيرة والضيقة التي وضعونا فيها من جهة والسماح للمؤسسات المدنية والدستورية المستقلة بتولي العمل وادارة البلاد كما هو حاصل في جميع بلاد الله المتحضرة فمن الطريف حقا ان لديهم احزاب تهتم بالبيئة واحزاب تهتم بالعمل الاجتماعي واحزاب تهتم بحقوق الانسان وهي ذات دور فعال في ادارة الدولة فالجميع يحترمها والجميع يسترضيها الاسلوب الآخر هو الاندماج مع تلك الامم واستيراد ( واقول استيراد ) طريقتهم في العيش والحكم فقد اثبتنا فشلنا كأمم متخلفة عن ركب التقدم والتواصل مع انفسنا ولم ننجح الا بخلق النزاعات والاضطرابات فصرنا عالة على الغير مشردون في الارض مذبوحون في ديارنا غرباء عن هذا العالم وجيراننا الالداء الذين شمتوا بنا حينا ونصروا جلادينا وانتهبوا خيراتنا في احيان اخرى يتربصون بنا الدوائر للانقضاض والتشفي بنا ، لكن قد يعترض السادة من السياسيين الافاضل انه كيف يمكن الانسلاخ عن ماضينا وتراثنا وقيمنا ومحيطنا وكل تلك الاجوبة الجاهزة والمعلبة التي يصمون بها اسماعنا في الليل والنهار؟ اقول لهم وانا العبد الحقير الذي لا يمتلك تجربتهم السياسية المحنكة ولا استطيع رفع شعاراتهم العصماء ان كل ذلك لا يساوي حياة انسان عراقي عانى ويعاني من تلك القيم ومن ذلك الماضي التليد الذي زهقت فيه الارواح بالملايين وليس الالاف وها قد خبرنا الاخوة المجاورين لنا عرفنا مدى حبهم لنا ونحن ننتمي الى نفس المنطقة ونتشارك معهم نفس التاريخ واللغة والدين والثقافة
ان التقليد الخلاق او استيراد التجارب الناجحة من تللك الامم المتحضرة ليس امرا بعيدا عن الواقع او التاريخ فالمسلمون استوردوا اسلوب الحياة الفارسية والاغريقية والسريانية وغيرها من الثقافات الاخرى فأنتجوا حضارة راقية لازلنا نتباكى عليها وان امة عظيمة مثل الهند قد استعملت اللغة الانجليزية لغة رسمية لها ونقلت جميع مناحي التمدن المعاصر اليها والعالم كله يشهد النهضة التي تعيشها الهند لكن بقي الهنود هنودا ولم اسمع من هندي وانا مقيم في دبي انه يخجل من هنديته بل على العكس دائما يفخرون بأنهم ينتمون الى بلد ديمقراطي ذي تاريخ يضرب بأطنابه في اعماق التاريخ ناهيك عن اليابان وكوريا وباقي النمور اللآسيوية ، ومرة اخرى كيف ؟ لقد تحولوا الى شعوب متعلمة ثم الى شعوب منتجة ومن ثم الى شعوب مبتكرة وهم يسودون العالم بأنفتاحهم على العالم محتفظين بقيمهم وتراثهم و وبساطتهم وشرقيتهم.
اننا يجب ان نتوقف عن السياسة العقيدية ونتعلم السايسة العملية التي تؤمن بفن العيش وان نؤمن اننا لسنا فئران تجارب عرضة ليتحكم بنا كل من هب ودب من المغامرين

ازهر مهدي



Azhermahdi@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

WebCrawler Search