الأربعاء، 2 يناير 2008

عندما فاز محمد

هل يمكن لرجل واحد ان يحدث فرقا في هذا العالم الزاخر بالاضطرابات ؟ وهل يمكن لرجل واحد ان يغير معادلات اقتصادية ونظريات مادية ظلت قائمة وثابتة كأنها دين منزه يجب اتباعه لكي ننجو مما يحدق بنا من المخاطر وهذا ما لم يتحقق لنا على الاقل في عالمنا الثالث او الرابع؟ يبدو ان الاجابة ستكون نعم في ظل ما قام به رجل واحد ليس من ذوي البشرة البيضاء او اصحاب العيون الزرق وليس من ذوي القدرات الخارقة لقوى الطبيعة الصماء، انه رجل قدم الينا من اتعس بلاد الله وافقرها وما زاد في تعاسة اهلها وبلائهم ان الطبيعة ناصبتهم عدائها فاحالت نعمائها عليهم بالماء الوفير والارض الخصبة موتا وفقرا مدقعا لكثرة الفيضانات التي تلتهم الاخضر واليابس ،انها بلاد البنغال المنسية وسط صخب الاثرياء العابرين للقارات وتقاعس الضعفاء النائمين في مساكن الصفيح، انه البنغالي محمد هاورن احد الاثرياء القلائل في تلك البلاد الذي اراد ان يفعل شيئا مختلفا ونبيلا فقد شرع في تاسيس مصرفه لكي يساعد فقراء امته ! نعم لكي يساعد الفقراء في امته المنسية خلف بحر البنغال الهادر والبعيد، وكيف؟ بواسطة اقراض المعوزين منهم مبالغ صغيرة من دون فائدة او ضمان لتمويل اعمالهم وحرفهم البسيطة التي تكفيهم للبقاء على قيد الحياة على الاقل، وتمويل بعض المؤسسات الضرورية كالمدارس والمستشفيات من دون ان يميز بين احد على اساس العرق اوالجنس او الدين، وان قلنا مبالغ صغيرة فهي كبيرة في دولة كالبنغال الغارقة في همومها ،فهل من يجروء على القول ان العالم قد خلا من العظماء والرحماء ؟ كلا انهم لا يزالون موجودين وربما اكثر مما نعتقد ونتمنى ان يظهر دورهم اكثر فأكثر، لقد فاز محمد هارون بجائزة نوبل وقبلها فاز بدعاء كل محروم او محرومة ظنوا ان شمس صباحهم لن تشرق مرة اخرى.
كم تمنيت ان تنتقل تجربة محمد هارون الى بلداننا المسلمة او حتى غير المسلمة ان كنا نتحدث عن اخوة الانسان لاخيه الانسان وكم اتمنى ان تستمر هذه التجربة ان اتسع نطاقها من دون ان تطالها ايادي العابثين والمتلاعبين فأن اممنا احوج ما تكون الى من ينتشلها من يأسها ويفتح لها باب الامل وان بدا خافتا، شكرا لك يا محمد فستظل في الذاكرة دائما عزيزا مكرما لقد خطوت خطوة مهمة في البنغال لكنها عظيمة للانسانية جمعاء.
ازهر مهدي
Azhermahdi@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

WebCrawler Search