الأربعاء، 2 يناير 2008

مفاهيم نخلقها ومفاهيم تخلقنا

{ يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } [البقرة : 269]


قد يفخر العديد منا بأنه يسيرون وفقا لمعتقداتهم وافكارهم التي بنوها بجهد حثيث ومثابرة لا تلين من دون ان يتأثروا بالمحيط الخارجي ويعترف القسم الآخر انهم يسيرون وفقا لما رسمه الآباء لهم بأعتباره تراثا مجربا فلا حاجة لأن يتعبوا انفسهم بالبحث عن شيء جديد قد لا يؤدي بهم الى النتيجة المرجوة او ان المحيط الخارجي هو الذي يتحكم بهم فلا يمكنهم تغييره او التغلب عليه، على رغم مشاهدتنا للكثير من الافراد وقد غيروا نظرتهم الى العالم والى انفسهم فانتقلوا من المجموعة الاولى الى الثانية او بالعكس لكن من ذا الذي يمتلك اسرار هذا العالم العجيب ؟اتعبتني الافكار والمعتقدات كما اتعبت غيري لكن اساس المشكلة لا يكمن في الافكار التقليدية او تلك المتمردة كما يحب ان يسميها اصحابها بل في ذاك الاحساس بالضيق او التشنج عند طرح فكرة جديدة او مناقشة حالة قائمة فأنني بدأت ارى المجتمع بدأ ينطوي حول نفسه فيمارس دور الرقيب لا المحلل ويتخندق في موقع المعادي لا المدقق فالتكفير تهمة جاهزة لدى البعض او الازدراء بحجة خالف تعرف او الصمت الساخر الذي يقتل كل احساس بعظمة الفكر او ما سواها من اساليب شاعت بين شبابنا المعاصر فكانت النتيجة وبسبب احساسنا بالعجز او النقص ان بدأنا نلبس ما يلبسه غيرنا ونتكلم لغة غيرنا ونتصرف وفقا للانماط الحديثة الاجنبية وهي غير معيبة بحد ذاتها اذا تعلمنا من الغير او الآخر اسلوب التفكير والانتاج والخلق والابداع ايضا وهو ما لم نبلغه لحد الآن، انها مرحلة خطيرة ومتناقضة قد نصل اليها عندما تنتقل الرقابة من الجهات العليا الى طبقات العامة فنبدأ نخشى اقربائنا واصدقائنا واحبتنا بسبب افكارنا او ملاحظاتنا، لقد شهد التاريخ حقب مشابهة لا يزال اثرها المدمر مستمرا على جميع مناحي الحياة الدينية والفكرية والثقافية والاخلاقية لا لشيء الا الاحساس بالقرف من الاحتكار الفكري والعقلي فنشأت الاجيال الرافضة والمتنكرة للواقع المفروض ولا تزال المرحلة الاوربية ايام سلطة الكنيسة عالقة في اذهان البشرية مع فرق بين الحالتين لا يخفى على المطلع اذ اننا نعيش مرحلة اسوأ مع الاسف.
اننا بحاجة الى خلق مفاهيم جديدة ، بحاجة الى ظهور شخصيات معبرة عن واقعنا بحلوه ومره بجيده وسيئه بحاجة الى معلمين وملهمين وشعراء وحكماء ومفكرين وفلاسفة (ولا اريد ان استثني العنصر النسوي من هذه الشرائح لكنه حكم اللغة التي تعودنا عليها) لا زلت متفائلا ان يظهر اشخاص في امتنا كالكواكبي والمنفلوطي ونازك الملائكة وغيرهم مجددا واشخاص من الامم الاخرى مثل غاندي ولوثر كنغ والام تيريزا بل واشخاص لم نسمع بهم لأن الاعلام لم يهتم بهم برداء وفكر عربيين ، اننا بحاجة الى الحكمة بل القليل من منها كي ننتقل من وضع المنفعل الى الفاعل ومن التأثر الى التأثير، اما اي نوع من انواع الحكمة نطلب ؟ فلا يمكنني ان اجيب !!!! المهم ان نستمع وان نتواضع قليلا ونسمح للآخرين بأظهار حكمتهم.

ازهر مهدي
AZHERMAHDI@GMAIL.COM

ليست هناك تعليقات:

WebCrawler Search